تررررررن..
ترررررررررررن..
ترررررررررررررررررررن..
ردوا عالتليفون
..
-ألو
-ألو
-مساء الخير ..
-مسا النور و السعادة .. أهلين...
-كيفكم ؟
-و الله مشتاقين الكو يا جماعة .. شو محدش بدو يطل علينا في الحج ؟
-إلا والله في حجاج بدهم يطلعوا .. توصوا نبعتلكم اشي معهم ؟
- والله ما بدنا إلا سلامتهم .. يوصلوا بالسلامة ان شالله ..
(أنا : ماما .. ماما ..ماما .. قوليلهم يبعتولنا تراب من بيتنا الله يخليكي
- طيب خلص بحكيلهم بس روقي! )
بس إزا في مجال بدنا شوية تراب من دارنا .. حطوهن في كيس و ابعتوهن مع الحجاج ..
- تراب ؟ كيف بنا نحط تراب و نبعته احنا ؟ حدا بيطلب تراب !
-..............
-................
.....
و انتهت المكالمة .. و يوم مضى .. و أنا أحترق ..
يضحكون عجبا! تراب؟
نعم أريد ترابا .. أشتاق لتراب بلادي .. فلمَ العجب ؟
.....
في اليوم التالي..
ترررررررن
تررررررررررررن
تررررررررررررررررررن
لأرد أنا على المتصل .. و هو غير المتصل الأول..
-مسا الخير
- يا هلا أبو احمد مسا النور..
- كيف الحال ؟
- والله بخير و مشتاقين..
- سمعت إنو بدك تراب انتي .. صحيح هالحكي ؟
- آ والله صحيح يا بو احمد .. بس زي ما انت شايف .. و لا حدا راضي يبعتلي..
- ولا يهمك .. أنا بكرا بحطلك حفنة تراب من تراب داركو في كيس و ببعتهن مع الحجاج .. و لا يكون إلك بال .. اعتبري التراب عندك صار ..
- الله يسعدك و يخليلك ولادك..
- ولو هادا واجبنا .. و ان شالله بتيجوا و بتنوروا بيتكو اللي بيستناكو..
- مع السلامة
- مع السلامة
.......
اسبوع مضى
وصل الحجاج إلى مكة..
و أدوا مناسكهم..
كنت أنام لأستيقظ على حلم بتراب ..
سأضعه في هذه العلبة .. لا بل في تلك ..
سأزرع فيه جورية حمراء..
سأضمه ..سأشمه.. سأتحدث إليه .. و حتما سيرد..
.....
و حان وقت زيارتهم لنا ..
والأهم .. أني و منذ وصلوا إلى الديار الحجازية.. أشتم رائحة تراب الوطن مع كل نسمة ..
نعم .. تراب فلسطين قادم إليّ.. قادم..
صوت من الداخل ينادي بخوف : مهلا ! ربما نسوا إحضاره معهم .. فهو ليس بتلك الأهمية .. مجرد حفنة من التراب !
لا لا لا .. من المؤكد أن التراب معهم .. وصية أبو احمد !
........
تررررررررررن
هذه المرة صوت جرس الباب..
وصلوا ..
أحضان .. قبلات .. أشواق .. و سؤال عن الأحوال ..
و بنبرة خجلة : جبتوا التراب ؟
- ييييييي والله نسينا التراب ! مع إنو والله جابو أبو احمد ..
يللا معلش جبنالك كوفية .. مش أحسن ؟
.....
في هذه لليلة .. توصلت لقناعة..
أن تراب فلسطين .. هو أغلى من أن يغترب..
تراب اختلط بدماء الشهداء .. و روي بدموع أمهاتهم .. هو أغلى من أن يختلط بسائر تراب الأرض ..
نعم .. لتراب فلسطين قدسية خاصة .. خاصة جدا..
...
يتسلى بي الفزع في ليلتي هذه..
أسمع صوت التراب يناديني
لكن عقلي لا يستوعب ما ينادي به التراب
ترى
أهو يهمس بحنان الأم : لن نأتيكِ.. لأنك أنتِ ستأتي يوما ..
أم أنه يعاتب : لن نأتيكِ .. لأنكِ أنت لم تأتِ .. و نحن أغلى من أن نهاجر..
..
ترى .. بماذا كان يهمس لي ترابك ياوطن ؟